vendredi 13 juillet 2012

الثورة التونسيّة وتحديّات تأريخها


هل من الممكن اليوم إعادة قراءة الأطوار الأولى من الثورة التونسيّة وفق منهجيّة علميّة بعيدة عن التشنج، خاصة و أن مجال البحث العلميّ قد إسترجع هامشا معتبرا من الإستقلاليّة ؟ هذا السؤال الذي ما إنفك يطرح منذ فترة داخل الأوساط الأكاديميّة. وكما هو معلوم أبدى البعض من الباحثين العديد من التحفظات الإجرائية التي تحول، حسب رأيهم، دون إمكانيّة تحقيق دراسات جديّة بإعتبار أن الثورة لم تبح بعد بكل أسرارها، بالإضافة إلى أن نسبة الوثائق الرسميّة التي تمّ الكشف عنها لا تزال ضعيفة العدد وهو الأمر الذي يمنعنا من تكوين صورة متكاملة عن الوقائع التاريخيّة المعاشة والتي لا زالت آثارها مترسخة بشكل عميق في وجدان التونسيين. و بالطبع فإن لهذه القراءة مبرراتها، خاصة و إن الوثائق الأرشيفيّة المتعلقة بهذه المرحل بقيت غير متوفرة بالشكل المرضيّ. لذلك يكون من العسير على الباحث كشف أغوار هذا المسار الثوريّ و المسك بالخيوط المحركة لهذه اليقظة التنويريّة التي غيرت وجه المجتمع التونسيّ الذي أصبح ورشة مفتوحة لحراك تجديديّ شامل، ذي أبعاد سياسيّة و ثقافيّة و إجتماعيّة. ثمّ إن المسافة الزمنيّة الضروريّة الفاصلة بين الحدث و تأويله لا تزال مفقودة، بالإضافة إلى أن الفاعليين في الأحداث ما يزالون على قيد الحياة، الأمر الذي يجعل الحقيقة التاريخيّة لا تستكمل كامل ملامحها نتيجة عدم توفر عناصرها الضروريّة . فالصعوبات المطروحة بغيت تقفي أثر الإرهاصات الأولى للثورة التونسيّة تبقى متصلة بشكل مباشر بالمدونة المصدريّة المتوفرة و بمنهجيّات التعامل مع ذلك النذر الضئيل المكشوف عنه، وهو الأمر الذي يعقد عمل الباحثين المشتغلين بتاريخ الزمن الراهن. إلّا أن إمكانية الولوج إلى كم كبير من الشهادات الشفويّة و من التقارير الصحفيّة العينيّة  توفر للباحث بعض المعطيات التي قد تسهل عمليّة التنقيب لتحقيق الوصول إلى شاطئ الموضوعيّة و سد الثغرات الناتجة عن ندرة أو غياب الوثائق الأرشيفيّة التي تعنى بهذه الفترة من تاريخ تونس.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire